نهب أراضي الدولة.....والمخفي أعظم !!!
وطن نيوز- أراضي الخزينة والواجهات العشائرية هي تركة الدولة العثمانية المتبقية وقد كانت تسمح الدولة العثمانية للمواطن بتملك نصف دونم لبناء البيوت وتبلغ مساحة أراضي الخزينة ما يقارب من 80%من مساحة المملكة .
في الوقت الذي يستولي فيه المتنفذون وحاشية القصر على آلاف الدونمات ومن أجود أراضي الخزينة والواجهات العشائرية فإنه من الأجدر أن يحصل المواطن المحروم من السكن على دونم واحد لبناء مسكن وأن يكون توزيعها عن طريق الجمعيات الخيرية والبلديات ،وان هذا المطلب اصبح واجبا ولا مبرر لرفضه كون الحكومة أقرت للمتنفذين بالاستيلاء على آلاف الدونمات كم أسلفنا.
المطلب شرعي وعند رفضه أو عدم الاهتمام به على الدولة الشروع فورا باستعادة أراضي الشعب المنهوبة من المتنفذين بأسرع وقت.
أراضي الخزينة منح وهبات!!
أراضي الأمير:
أورد د.محمد احمد الصلاح في كتابه "الإدارة في إمارة شرق الأردن 1921-1946 ص21" ما نصه،نشر في 1 آب (أغسطس)مشروع قانون هبة أراضي للأمير عبد الله لسنة 1931 وافق عليه المجلس التشريعي المنعقد في 18 آب 1931 وصادق عليه الأمير وأصبح نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية في 25 آب 1931.
والقطع التي وهبت للأمير مؤلفه من القطع التالية
1- قطعة ارض من زور الكتان ومساحتها ألفا دونم.
2- قطعة من اراضي الحمر ومساحتها ثلاثة آلاف دونم.
3- قطعة ارض من غور كبد ومساحتها ستون ألف دونم.
وقد عين الأمير مديرا لهذه الأملاك ليقوم بالإشراف عليها ،وجاء في القانون بأنه يجب مراعاة عقد الإيجار المعقود بين دائرة الأراضي والمساحة ومزارعي الأراضي التركمان الذي ينتهي في 31 كانون أول (ديسمبر) 1931 ولا مانع من بقائهم مزارعين عند الأمير ما داموا ملتزمين بالشروط المترتبة عليهم .
أنيط بدائرة الأراضي تعيين حدود القطع الثلاث السابقة وتشغيلها دون أن تستوفي الدائرة المذكورة أية رسوم أو إلصاق طوابع مع الأوراق والمعاملات ويجب أن تحتوي على الشروط التالية فيها :
أ- توقف الأراضي على الأمير طيلة حياته .
ب- أولاد الأمير من ظهره ذكورا وإناثا وأولاد الظهور منهم جميعا وأولاد أولادهم وذريتهم ونسلهم وعقبهم مما تناسلوا وتعاقبوا نسلا بعد نسل وعقبا بعد عقب
وجاء في القانون أيضا انه يجب أن يؤدي للأمير بعد الانتهاء من تسجيل الوقف ثلاثة آلاف جنيه من الخزينة لمباشرة استثمار هذه الأراضي وكلف رئيس الوزراء وقاضي القضاة ووزير المالية إنفاذ هذا القانون .
و السؤال الذي يطرح نفسه من له الصلاحيات بهبة هذه الأرض و هل هناك نص دستوري يجيز ذلك ؟؟!! .
أول من أثار قضية تسجيل أراضي الخزينة باسم الملك هو السياسي و المعارض البارز المهندس ليث شبيلات و أكدها رئيس الوزراء الأسبق أبو الراغب في مقابلة على قناة رؤيا في برنامج نبض البلد الذي أراد أن يبرئ نفسه حينما قال بأن رئيس الديوان الملكي هو من طلب تسجيل تلك الأراضي بإسم الملك،و لأن للملك مشاريع خيرية وتنموية يريد أن يصرف عليها حسب قوله ، ولأن الحكومة هي صاحبة الولاية فإن هذه الإفادة لا تعفي رئيس الوزراء أبو الراغب من المساءلة القانونية لانصياعه لأوامر رئيس الديوان الملكي .
صورة صارخة جسدتها بيوعات أصول ومؤسسات وشركات وطنية أهمها شركات التعدين الوطنية الثلاث بوتاس ، اسمنت ، فوسفات وقد بيعت بمبلغ 400 مليون دولار حققت أرباحا بعد عام من بيعها بــ 1000 مليون دولار تقريبا ، الفوسفات قدر احتياطيها بـ1459 مليون طن لكافة مناجم المملكة وسعر بيع الطن الواحد عالميا بــ 400 دولار للطن . ويندرج هذا على جميع الأصول التي بيعت بما فيها الأرض و بأبخس الأثمان .
هناك قاعدة خاطئة انتهجتها الحكومة وهي مقايضة الديون بالأصول وهذا نقد لسياسات الحكومة في برامجها سواء في فوضى الخصخصة أو تخبط هيكلة الدين العام ، وهي قاعدة اقتصادية خطرة ترقى إلى المقامرة الخاسرة ، لا يعقل تبرير فشل الحكومة في معالجة المديونية بإيجاد مبرر للتنازل عن أصول اقتصادية سيادية هامة كالأرض والأصول الأخرى ومقايضة ثروة أصول ثابتة بمديونية طارئة يكون بمحصلتها ارتهان للخارج وبيع الوطن كله بالتدريج .
ورغم مقايضة الأصول بالديون وبيع مقدرات الوطن لا زالت المديونية بتصاعد مستمر والتي تجاوزت 17 مليار دولار وطرح سندات الائتمان في البورصات العالمية سيضع الأردن في ارتهان حقيقي للجهات الأجنبية ويبقى تعرض الاقتصاد الوطني لهزة اقتصادية يتفاجأ المواطن خلالها بتدهور سعر صرف الدينار وتعرض مدخراتهم لخسائر كبيرة .
نهب منظم:
في مقال سابق له في جريدة الدستور بتاريخ 7/8/2011 بعنوان إعادة الملكية العامة المنهوبة بين وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة راكان المجالي بأنه خلال العقود الثلاثة الماضية شهد الأردن تجاوزات خفية عديدة بتوظيف النفوذ وسرقة الأرض وما حدث من توزيع أراضي وادي الأردن والأغوار الوسطى والشمالية والجنوبية هو استغلال للوظيفة العامة والنفوذ للاستيلاء على القطع ومن بينهم احد المزارعين الطارئين على منطقة الأغوار وقد خصص له آلاف الدونمات بتغطية مسؤول سابق كبير .
إن الأرض هي ركيزة الدولة وهي العنصر الأبرز في ثورة الأمم و لقد تعرضت إلى مصادرة ونهب متواصل ويضيف الوزير راكان المجالي بأن الأمر لا يحتاج إلا إلى قرار واحد وهو أن تعاد كل ملكية عامة من الأرض إلى أصلها وان تسترجع كل ملكية خاصة كانت أصلا ملكية عامة .
اليوم صاحب المقال أصبح في دائرة صنع القرار سيما وان جدول أعمال الحكومة والذي هو الناطق الرسمي لها هو محاربة الفساد وتوطيد دعائم العدل والمساواة وهل يسعى إلى تطبيق ما قاله بالعمل على إعادة الملكيات المنهوبة إلى أصولها العامة وهل يؤيد معالي الوزير ويحث حكومته بإعطاء دونم واحد لكل مواطن ،سيما وان الحكومة بصدد إقرار نظام المالكين والمستأجرين المثير للجدل وهذا المقترح يساعد بتخفيف وطأة نظام المالكين والمستأجرين المجحف بحق المواطنين المحرومين من السكن والواقعين تحت رحمة المالكين سواء بالتهديد بالإخلاء أو برفع قيمة الإيجار، لذا دونم واحد لكل مواطن من ارض الدولة أرض الشعب هو الحل الذي يلزمه شجاعة في اتخاذ القرار.
نموذج على الإقطاع الجديد:
الديسي : أجرت للمتنفذين بــ10 قروش للدونم ويقومون بتأجيره للمواطنين المحليين بثلاث دنانير للدونم محققين ربحا حراما مقداره 3 دنانير إلا 10 قروش للدونم الواحد وهذه صورة صارخة عن عصر الإقطاع الجديد في ظل دولة تدعي الديمقراطية ودولة المؤسسات وحقوق الإنسان.
هل يصبح الأردنيين في القريب العاجل رهنا للشركات الاستثمارية مستأجرين لبيوتهم وأملاكهم ويعملون تحت وصاية الإقطاعيين الجدد بمسميات مختلفة ،و السواد الأعظم من المواطنين يرون أن أصول الدولة وأهمها الأرض تتعرض للنهب المنظم وأن الإقرار به يعد تنازلا عن سيادة الوطن وبيع لمقدراته وترابه الوطني ،بينما يبرره السماسرة والمتنفذون على انه استثمار للموارد و تطويرا للمناطق لعدم قدرة الدولة على القيام بذلك .
رفض واحتجاجات شعبية :
نورد بعضا منها:
- اعتصام عشيرة الحجايا أمام مبنى رئاسة الوزراء احتجاج على الاستيلاء على الأراضي في الحسا والقطران
- احتجاجات عشائر الحويطات على استيلاء المتنفذين على 47000 دونم في قريتي عمرة وعميرة على الحدود السعودية
- مطالبات عشيرة الزواهرة والخلايلة بإسترجاع الواجهات العشائرية في الزرقاء بعد اخلاء المعسكرات منها
- احتجاجات عشائر العدوان لاستعادة الواجهات العشائرية في منطقة الغباوي
- احتجاجات عشائر بني حميدة لاستعادة أرضهم التي استولت عليها شركة دبي كابيتال
- مطالبة عشائر بني صخر باسترجاع الواجهة العشائرية في الجيزة
- مطالبات باستعادة الواجهات العشائرية في عجلون
- مطالبات باستعادة 250 دونم في دبين و التي استولت عليها شركة دبي كابيتال
- مطالبات الحراك الشعبي في الطفيلة باستعادة آلاف الدونمات في منطقة عابور
- هناك مطالبات أخرى في جميع محافظات المملكة تطالب باسترجاع الواجهات العشائرية وأراضي الخزينة المنهوبة
الدولة وازدواجية المعايير :
في الوقت الذي يعتدي فيه المتنفذون بالاستيلاء على آلاف الدونمات من أراضي الخزينة بدعم من الدولة تقوم في المقابل بمعاقبة صغار المزارعين وقد تم في الأغوار الجنوبية تجريف حوالي 180 دونم مزروعة بالخضروات مقامة على أراضي الدولة مما يعد مخالفا للقانون وقد تم تحويل المعتدين للقضاء في 29/10/2010
بينما لم يتم تحويل من اعتدى على أراضي معان التي تم استرجاعها مؤخرا ومساحتها 4000 دونم بعد احتجاجات شعبية عارمة من شركة تطوير معان فلم يعرف أسماء المعتدين الذين استولوا على هذه الأرض ولم يتم تحويلهم للقضاء .
هل هذا استهتار واستخفاف واستكبار واستعلاء واحتقار للشعب "مصدر السلطات" الذي احتضن وآوى وضحى وبنى واستقبل وانتصر لمن رفع راية الحرية والعدل والمساواة وأسس نظام ترتكز مؤسساته على العدل ودستورها القانون ، أين ذهبت هذه الدعاوى مما هو حاصل الآن من تطور لظاهرة الاستيلاء على الأراضي من هبة إلى نهب وسرقة حللوها لأنفسهم وحرموها على الغير بالسر والعلن وبات الصدام حتميا بين مكونات الشعب وعشائره وبين الخلايا الليبرالية الفاسدة وحكومات الظل والمتنفذون الذين أمعنوا في نهب الأصول العامة وأهم مقوماتها الأرض والمال العام.
د. عبداللطيف الرعود